jeudi 23 juillet 2009


إيش قبل التأريخ .
منذ اعرق العصور بادر الانسان البدائي بنقش مشاهداته ومعتقداته على الصخور.وتجمع المراجع المختصة ان النقوش الصخرية اعتمدت التشخيص في مراحلها الاولى، قبل ان تهتم بالرموز، وبعدها بالخطوط،مع التأكيد على ان اجمل الرسومات الصخرية هي اقدمها. وهكذا جاءت اقدم هذه النقوش ممثلة للشمس والقمر والنجوم، او لحيوانات (ابقار وفيلة)، وطيور (نعامات)، ونباتات، وعربات بدائية. وفي مرحلة لاحقة ظهرت النقوش التي تمثل صيادين يطاردون الوحوش الضخمة للحمها وجلدها وعظامها ومعها سيوف وخناجر وغيرها من الاسلحة المعدنية المستعملة في القنص، او تمثل فلاحين يحرثون الارض,ويؤكد الباحثون ان النقوش الصخرية ليست ميراث حضارة واحدة، ولكنها ميراث حضارات وشعوب تفاعلت وتعايشت على امتداد آلاف السنين، غير ان كثيرا من النقوش الصخرية ضاعت بسبب المعمار المقام فوقها، او باستعمال احجارها المنقوشة في بناء المنازل الجبلية او اصطبلات الرعاة الرحل ، فهذا التراث الحي ما فتئ يتعرض للضياع من العوامل الطبيعية ومن الانسان وايضا من الحيوان.ويجمع الباحثون على ان مجال النقوش الصخرية في المغرب ما زال بكرا، وان العديد من المواقع لم يتم اكتشافها بعد، او لم تحظ بنصيبها من البحث المعمق. كما يؤكدون ان كثيرا من المواقع المعروفة بنقوشها المتميزة تتعرض لعوامل التلف المختلفة، وان التهديد يأتيها من الطبيعة، وأيضا من الانسان والحيوان

وهنا في هدا البحث المتواضع حاولت ان اجمع بعض المعلو مات عن تاريخ إيش او بالاحرى المحور الممتد من فكيك الى العين الصفراء ونواحيهما
في عام 2007 ا اكتشف باحثون أوروبيون مجوهرات حجرية ملونة بمادة نباتية قرب مدينة فكيك المغربية، وقدروا عمر هذه المجوهرات البدائية بالاف السنين وهذا يؤشر على قدم وجود الإنسان. بهدا المحور(فكيك العين الصفراء)فهو قديم جدا. يعود, على أقل
تقدير, إلى العصر الحجري الحديث (نيوليتيك) أين كانت تستعمل الأدوات من الحجارة. قدمت لنا براهين هذا العصر, خاصة, عن طريق النقوش الصخرية المتوفرة بكثرة في المنطقة. — توجد أقرب نقوش ممثلة للفيلة على بعد 7 كم من العين الصفراء — واخرى تم العثور عليها بالقرب من فكيك بجبل صغير يسمى:" تضرارت نحمو هكو شايط " عبارة.صورة منقوشة لكبش نقوش من منطقة الدشيرة
،وأخرى تم العثور عليها بمنطقة إيش
خاصةوالدويسة والركيزة والدشيرةو تمثل هذه النقوش عموما حيوانات ذلك العصر – نذكر أنه في هذا العصر كانت ميول لعبادة الحيوانات مثل الكبش -. أما فيما يخص التأريخ, فيطرح مشكل كبير بسبب عدم العثور بمحاذاة هذه النقوش على بقايا بشرية. لا ندخل في التفصيلات لكن حسب توزيع للطبقات الزمنية للنقوش و حسب مختلف التقنيات و النظريات للباحثين مثل حامي (1882), د. بوني (1888), فلاماند (1892) متبوعين في القرن العشرين ب: بروي, روبي, فوفري, بالاري, و لوت, مكنت من تحديد إنجاز هذه النقوش بين 000 10 و 500 2 سنة قبل الميلاد. يمكن لنا القول, اتفاقا مع لوت, أن العمر المتوسط للنقوش الصخرية للمنطقة يقدر بخمسةالاف سنة قبل الميلاد. تعتبر النقوش الصخرية شهادات ذات قيمة لا تقدر بثمن تركتها شعوب قديمة؛ تثبت نمط حياتهم و عاداتهم و عالم الحيوان الذي كان يحيط بهم. أنشأ أكبر قسم من هذه الأعمال قبل الحضارة السومرية و قبل أقدم الأهرامات المصرية. لم ينس ه. لوت أن يشير إلى أن هداالفن الصخري " لا علاقة له بما قبل الحكم الملكي المصري" و في مجال ما قبل التاريخ, يعتبر الأطلس الصحراوي, الذي يضم أكثر من 150 محطة, أحد أكبر المتاحف المفتوحة على الهواء في العالم. أما عن أصل و امتداد الفن الصخري, يرى ه.لوت أن المعطيات الحالية " تدفع للاعتقاد أن الفن الطبيعي الكبير الذي ثبت قدمه على الإطلاق, كان منشأه في الجنوب الوهراني أين تم نشره في الجنوب الجزائري (العاصمة) و في مرحلة لاحقة نحو الجنوب المغربي".

عتبر نفس المؤلف أن الجنوب الوهراني كان " المركز الرئيسي للفن الجداري للمناطق الصحراوية" و ذكر أن ف. أ.روبي استنتج أن الجنوب الوهراني و جبل العمور هما بالتأكيد مهد الفن الجداري في شمال إفريقيا.

1 إضافة إلى النقوش, ثبت التواجد البشري بمختلف الأدوات التي وجدت منها كميات وفيرة في محطات ورشات لوادي العين الصفراء و المنطقة المجاورة. قال س.قزال " عاش إذن العديد من السكان في الصحراء الحالية لفترة غير مؤكدة الحدود, لكنها طويلة جدا,

في القائمة التي تضم 236 محطة و التي وفرت عينات للمجموعة المقدمة من طرف ج. ب. فلاماند و أ. لاكيير خلال مؤتمر الجمعيات العلمية بالجزائر سنة 1905. تم إحصاء نصف هذه المحطات بالجنوب الغربي وحده. إضافة إلى الورشات العديدة المتواجدة بجوار غالب محطات الرسومات المذكورة آنفا, يمكن لنا إضافة: فرطاسة, أولقاق, تاشاطوفت, البريج, مكاليس, عين عيسى…في ناحية العين الصفراء. في هذه الأماكن عثر على العديد من بقايا مهارات الفنانين البدائيين: صوان منحوت, محكات, سكاكين, إبر, رؤوس سهام…إلخ…تجدر الإشارة كذلك أنه وجدت حقول معتبرة على سطح الأرض بمنطقة الهضاب العليا. تعطي مذكرة د.لينيز, الذي أقام بالعين الصفراء من 1896 إلى 1898 عينات مذهلة من آثار ما قبل التاريخ وجدت على امتداد الأودية و على الكثبان الرملية و كذا بجانبها بمحاذاة المدينة. علاوة على النقوش الصخرية و بقايا الأدوات التي تشكل أقدم علامات الوجود البشري في هذه المنطقة, نجد ما يقارب خمسة عشر محطة رسومات صخرية, ممثلة للبقريات, و العديد من محطات لنقوش عربات تبين أن الناحية كانت في ذلك العهد منطقة عبور ذات حركة مرور قوية بين الجنوب و الشمال و بين الشرق و الغرب, إضافة إلى محطات تتواجد بها كتابات أبجدية تدعى ليبية أو ليبية بربرية أو تيفيناغ

غير أن المعلومات الأولى الأكثر صحة حول تعميرهدا المحور(فكيك العين الصفراء) بدأت في الواقع مع الجثوات (التومولو).

التومولوس مقابر أناس سكنوا هذه النواحي في تلك الفترة المتأخرة. تسمى في العرف الشعبي ب " الكراكير", "الرجم" أو " قبور الجهالة".ومن خلال التنقيبات الاركيولوجية المرتبطة بالقبور القبل تاريخية في شمال أفريقيا ان اسلاف البربر قد آمنوا بحياة اخرى قبل الموت. كان الانسان الشمال أفريقي يدفن موتاه في حفر صغيرة، غير انه ادرك في ما بعد ان تلك الجثث تصبح هدفا للحيوانات المفترسة وليتفادى ذلك قام بدفنها في حفر اعمق كما قام بدفنها في الصخور والقبور الدائرية وفي قبور تشبه التلال كما هو الشأن في قبر تين حينان. إلى جانب ذلك كان اسلاف البربر يدفنون موتاهم في قبور هرمية وهو تقليد قديم يعتقد الاستاذ شفيق انه يسبق تقليد الاهرامات في مصر. ونشرت دراسات حـــــــــــــول
صورة لكركورمن منطقة ايش


تومولوس ناحية العين الصفراء من طرف بوتي سنة 1905 و دوسيني سنة 1908.
يصنفها دوسيني إلى ثلاثة أنواع حسب نوع البناء. يوجد النوع الأول على شعاع 35 كم من العين الصفراء, خاصة بثنية الغزالة و شقة المويلح, غارة الضبع و وادي الصفراء وايش(طغروط النمظرف)؛ النوع الثاني بجبل مكثر, فوناسة و المحيصرات و الثالث بعين بن دومة, عرقوب المغار و غارة الضبع
يبين تواجد هذه المقابر التي تعد بالعشرات حسب دوسيني بين 1904 و 1907 أن عددا كبيرا من السكان عاشوا في هدا المحور فجر التاريخ. وجدت في هذه التومولوس هياكل عظمية و منقولات جنائزية؛ و هذه المنقولات (أمتعة) التي كانت ترافق الموتى هي التي سمحت بتأريخ هذه المقابر, تمثلت أساسا في خواتم و أطواق من حديد و من فضة و من نحاس. في سنة 1914, قبل الحرب العالمية الأولى, قدمت بعثة من الباحثين الألمان بقيادة الأستاذ فروبينيس لاستكشاف تومولوس جبال القصور. و قد كتب ل.غوتيي معلقا على نتائج البعثة التي نشرت سنة 1916 "هذه القبور التي لا تحصى تعود للفترة التاريخية أو الفترة ما بين التاريخ و قبله على الأكثر؛ و لا نعرف بعد منها أحدا يفترض أن يكون أكثر قدم من مسيبسا ". مسيبسا هذا هو ابن الملك النوميدي ماسينيسا و عم يوغورطا. حكم 30 سنة بين 148 إلى 118 قبل الميلاد. و هكذا, يمكن لنا القول أن في القرن الثاني قبل الميلادكان هدا المحور مأهولا بالعديد من السكان. كان هؤلاء الأهالي شبه مستقرين, يسكنون الأكواخ و أفنان الشجر و يربون الماشية خاصة منها الماعز و الابقار